نور - محمد الجابري



شيئٌ جميلٌ في حياتي قدْ ظهرْ

قد جـــاءَ يرْقصُ كالليالي والقمرْ.

غيْمٌ توشّـحَ بالضيـاءِ وقـــدْ سـما

نحو العُلا في صَدْرِ زخّاتِ المطرْ.

شَمْعٌ يذوبُ مُقطِّراً كــــلَّ العَسَلْ

حُــزنٌ تـغـلَّـفَ بالبـراءةِ والخطــــرْ.

فَرْحٌ تسرْبلَ فـــي الطفولةِ مِثلما

عُصفُورةٍ في الغُصنِ عانقها الشجرْ.

(نورٌ) وذاكَ اســــــمُ الجميلِ ولوْنهُ

طَعْمٌ جـديدٌ قدْ تَعـتّـقَ في السهرْ.

يا ويْلتي مِـــنْ رِقةٍ فــــــي حُزنِها،

فـــي فَـرْحِـها كــلُّ المعاني والعِبَرْ.

دقتْ على بابِ الضـــلـوعِ وأقبلتْ

ترجـــو التفرّدَ بالـفـؤادِ وبالبـصــــرْ.

غَـــزَت الجـــوانحَ بالعذوبةِ كُـلّـــها

جيشٌ يكــرُّ ومُـهْـجـتـي لا تبغِ فَرْ.

أدْمنتها وعَشِقتُ إدمــــــاني لها

ورأيتها فــــي بيت عُمري كالقَدَرْ.

عَسَليةَ العينينِ يا شمسَ الضُحى

يا بنتَ بَحْـــرٍ يسْتكينُ ومـــا غَدَرْ.

لا تغربي يا بنتَ عُمْري واشــرقي

فالقلبُ مُثملُ بالوصالِ وما صَــبَـرْ.

لا تذهبي نـــــحـــو الضجيجِ لأنني
أ
بغي وصالكِ في السُكاتِ وفي السَحَرْ.

الشمسُ مِنْ عينيكِ تُشرقُ فَرْحَةً

وتَزفُّ للدنيا قـصـيـدي والــخَــبَــــرْ.

إني أذوبُ على المَدامعِ طفلتي

لا تدْمَعي أو تبْدأي هـــــذا السَفَرْ.

قلبي يتيمٌ في الضلوعِ إذا يـــــرى

دمــعــــاً يسيلُ بأعـــيـنٍ فيها كَدَرْ.

نبْضي تكاثرَ في الوصالِ صغيرتي

حتى النوى فيهِ التكــــــاثرُ قدْ كَثرْ.

ودمشقُ في عينيكِ تـــــغرقُ كلها

والشامُ يجري في وريدكِ كالــــزمَرْ.

فدمشقُ تسْرقُ من عيونِكِ حُزنها

وبدمعــــــها سِـحْــرٌ تـهدّلَ وانهمــرْ.

الشـــــامُ أنـبـتَ فُــلــةً قـــــالوا لها

(نورُ الحياةِ) بقلبها ينمو الـشجَــرْ.

أشجارُ فاكهةٍ تطــــــوفُ بمبْسَمي

عِنَبٌ وخــــوخٌ ليسَ يـبْـدو كالثمـــرْ.

هاتي الكلامَ وقابليني في الدُجى

(نورٌ) ونـــــارٌ ، يا هنائي بالسمـــرْ.

صُبّي التوهّجَ في الحروفِ وعتّقي

شِعْري بعـيـنـيـكِ المليئةِ بالجُـــزرْ.

يا (نورُ) يا صفــــــــو الصفاء وما بهِ

قلقي عليكِ يجرّني نــــحو الضَجَرْ.

نحو التدحْرجِ في الكـــــلامِ تخبّطاً

نـــــحو التدافع في محطاتِ الحذرْ.

يا ( نورُ) يا سِتّ البناتِ وتــــاجَهمْ

يـا رِقةَ الثـلـجِ الـمُـنـمّـقِ والخفــــرْ.

فيكِ الــــــــدلالُ حــــدائقٌ غنّاءُ في

أشجارها يرْسو الربيـعُ على الوترْ.

فيكِ التــــوجّسُ مِنْ تـغـيُّـرِ قِبْلتي،

ولّيْتُ عُمري شِطرَ قلبكِ فانشطرْ.

لا تقلقي وتبسّمي ، في مُهْجتي

قلبٌ يُصلّــــــي كــي يراكِ بلا ضررْ.

إنّ الكـــــــــلامَ مُعذَبٌ في حَضرتِكْ

يا فــــرحةَ البدوِ المُسافرِ للحَضَـــرْ.

وكــــصـورةِ العـــذراءِ وجـــهُكِ دافئٌ

وجْــهٌ يُــحَـاربُ كــلَّ قلبٍ مِن حَجرْ.

نَـمَـشٌ تبعْـثرَ في البياضِ بــــــرقّةٍ

حَــــوْل العيونِ وقدْ أُضيئتْ بالحَـوَرْ.

مَلَكٌ وأغمضَ عينهُ ، سُبحانَ مَــنْ

صـــــاغَ المــــلامحَ ألفَ آيٍ بالأثـــرْ.

عينـــاكِ أجــــملُ مِنْ ظنوني كُلها

ومِــــــنَ التخيّلِ في تصاويرِ البشرْ.

عيناكِ أوسعُ مِنْ شبـــابيكِ الهوى

فيها الخيالُ يدوخُ شِعْراً في الصورْ.

ذَهَــبٌ تحـمّـــمَ بالــدموعِ وقد غدا

عَسَـلاً يــــــذوبُ مُداعباً نِنّ النظرْ.

ذهبٌ تـــلألأ فـــي العيونِ كـــــآيةٍ

تهدي العُصاةَ الآبقينَ ومَــنْ كَــفَـرْ.

عيناكِ أصْفى مِنْ دموعِ فـــــراشةٍ

شمْسٌ تغيبُ وطيفها بالقلبِ مَرْ.

فــــي وجْـنـتـيكِ حُـقولُ وردٍ ظالمٍ

وطـــنٌ يلمُّ التــــــائهينَ ومَنْ عَبَرْ.

في حاجبيكِ سيوفُ جيشٍ زاحفٍ

تلك السيوفُ لمنِ يُحاربُ ، مُنتصرْ.

شَفَتاكِ أشهى مِـــنْ حُقولِ فرولةٍ

فيها الدماءُ تُضخُّ ضخّاً مِــــنْ سَقَرْ.

وستارةُ اللـــــيلِ المعلّقِ بالــعُنقْ

شَعْرٌ حريرٌ قــــــد أّذاني بالـــسهرْ.

يا حُـــسْـــنَها القــتّالَ رُحْماً ما أنا

صُـــلــبٌ حـــديدٌ إنني بَـحْــرٌ وبــرْ.

تلكَ السفينةُ قـــــدْ أذابت أضلعي

والقلبُ شوقاً في الملامحِ قدْ قُبِرْ.

تلكَ القصيدةُ كُــــلها هي طفلتي

شيئٌ جميلٌ في حياتي قدْ ظهرْ.

ليست هناك تعليقات